إنّ المُدقق في أبحاث المُتكلمين ومؤلفاتهم يلحظ أنها تدور حول ثلاثة مباحث رئيسية الإلهيات، والنّبوات، والسمعيّات، وتُعد الأخيرة من أهم المباحث الكلامية؛ إذ يترتب على ثبوتها الإيمان بكل ما جاء به الأنبياء والرسل عليهم السلام ويترتّب على نفي ثُبوتها عدم تحقيق معاني العبودية للخالق جل في علاه. من أجل هذا يُعد مبحث السمعيّات(*)من أقدم المباحث الكلامية، والتي امتد نطاق البحث فيه إلى معظم الفرق الكلامية، واعتنى به كثير من المُتكلمين، وتُعد فرقة الشيعة الإمامية واحدة من هذه الفرق التي أهتمت بهذا المبحث وضمّنت موضوعاته وقضاياه في باب المعاد ذلك الباب الذي عدّته من أصول الدين مع التوحيد والنبوة والإمامة وذلك طبقاً لرؤيتها المذهبية. وتجدر الإشارة إلى أنّه من المعلوم من الدين ضرورةً وجوب التسليم والإيمان باليوم الآخر، ومعنى الإيمان باليوم الآخر التصديق الجازم بما أخبر عنه الله في كتابه وأخبر به رسوله صل الله عليه وسلم ممّا يكون بعد الموت، ويدخل في الإيمان باليوم الآخر قضايا باب السمعيّات: من عذاب القبر ونعيمه، والحشر والصراط والميزان...الخ، والتسليم بهذه القضايا يُعد من أصول الدين. وإذا كان من الغايات الهامة التي يرمي إليها علم الكلام إثباته أصول الدين بالأدلة العقلية المُفيدة باليقين لأي أصل من أصول الدين، فإننا نجد العديد من مُتكلمي الشيعة الإمامية قد أفردوا قسطاً وافراً من مؤلفاتهم لإثبات المسائل العديدة التي تخص باب السمعيّات، ومن جملة هؤلاء المُتكلمين من الإمامية والذين أفردوا مساحة في مؤلفاتهم الكلامية لبحث باب السمعيّات "حسن اللَّواساني" (1308-1400ه) حيث قام في ثنايا مؤلَّفه(نور الأفهام في علم الكلام) بوضع رؤية كلامية تجاه مبحث السمعيّات، وهذه هي إشكالية هذا البحث.