الفساد آفة خطيرة استشرى خطرها وانتشر داؤها في المجتمع الإنساني بصورة كبيرة, حيث أصبح ظاهرة لها انعكاساتها السلبية على المجتمعات الإنسانية, ومن أبرز الظواهر التي يمكن ملاحظتها عند دراسة تاريخ الحروب الصليبية هي ظاهرة الفساد, وخاصة على نطاق رجال الدين, لما لهم من أثر روحي ومعنوي وديني واضح في عصر الحروب الصليبية, لذلك يهدف هذا البحث إلى الكشف عن ظاهرة سلبية انتشرت في المجتمع الصليبي, وكان لهذه الظاهرة أثر في تفكك الكيان الصليبي من الداخل, وهي ظاهرة الفساد الإداري في بطريركية بيت المقدس خلال الفترة من 1099م, وهي السنة التي شهدت ارتقاء أول بطريرك لاتيني لبطريركية بيت المقدس, وحتى عام 1118م, وهي التي شهدت انتهاء لبطريركية أول بطريرك لاتيني في مملكة بيت المقدس الصليبية، واستعرض هذا البحث ماهية الفساد الإداري, واستشهدت الباحثة بصورة نموذجية للفساد الإداري الذي انتشر في إحدى الفترات الزمنية وخصت منها بالذكر فترة الدارسة, حيث استعرض جوانب الفساد في بطريركية أرنولف شوكس الأولى, ثم الفساد الذي ضرب بطريركية دايمبرت البيزي، ثم جوانب الفساد في بطريركية أرنولف شوكس الثانية, ورصد نتائج ذلك الفساد.