ألقت هذي الدراسة الضوء علي الشيخ العلامة الإمام محمد عبدالله الخراشي (1010- 1101هـ/1601- 1609م), كأول شيخ للأزهر, فقبله لم يكن مشيخة الأزهر منصباً رسمياً حتي العصر العثماني وحتي تولي السلطان سليمان القانوني, وكان لهذا الشيخ مكانة كبيرة في قلوب الناس لوقوفه بجوار المظلومين حتي يحصلوا علي حقوقهم وكان - رحمه الله- من العلماء المشهود لهم بالتقوي والورع فقد كان كثير الشفاعات عند الأمراء وغيرهم, مهيب المنظر, دائم الطهارة, كثير الصمت والصيام والقيام, زاهداً, ورعاً, متقشفاً في مأكله وملبسه ومفرشه وأمور حياته, وكان لا يصلي الفجر صيفاً وشتاءً إلا بالجامع الأزهر, ويقضي مصالحه ومصالح أهل بيته من السوق بيده, وكان لو في منزله خلوة يتعبد فيها, وكانت الهدايا والنذور تأتيه من أقصي بلاد المغرب, وغيرها من سائر البلاد فلا يمس منها شيئاً, بل كان يعطيها لمعارفه والمقربين منه يتصرفون فيها, وكان حجة في فقه المالكي, وله مؤلفات كثيرة في الفقه المالكي, وفي الحديث, وفي السيرة النبوية, وفي التوحيد, وفي المنطق, وفي النحو, وصارت كلمة (ياخراشي) هي نداء الشعب المصري والدليل القاطع علي سر قوة الأزهر حيث كان المصريون يجدون الملاذ الآمن فيه ليفك كربهم ويعينهم علي قضاء مظلمتهم فإذا ظلمهم ظالم يقولون: يا خراشي, وإذا تجني عليهم حاكم البلاد, أو اختلف الناس فيما بينهم يقولون يا خراشي, وبعد موته لم يجدوا من يقضي حاجتهم ويستمع لشكواهم فكانوا يصرخون بأعلى صوتهم (ياخراشي) متمنين عودة الشيخ إلي الحياة مرة أخرى.