أطلقَ النحويون والأصوليون على هذا النوع من الحروف اسمَ (حروفِ المعاني) لما لها منْ علاقةٍ وطيدةٍ بفهمِ المعاني واستنباطِ الأحكامِ من نصوصِ القرآنِ الكريمِ والحديثِ الشريفِ بطريقِ الاجتهادِ أو التأويلِ ؛ وذلكَ لأنّ كثيرًا من القضايا الدلاليةِ والمسائلِ الفقهيةِ يتوقفُ فهمُها على فهمِ الدلالةِ التي يؤديها الحرفُ فى النصِ . وقد اختلفَ النحاةُ وعلماءُ الأصولِ وعلماءُ الكلامِ فى وظائفِ هذه الحروفِ كقواعدَ نحويةٍ ودلالاتٍ لُغويةٍ على الأحكامِ الفقهيةِ والعقائديةِ ، ولا يخفى أنَّهم اتفقوا في جعلِها مَبحثًا من مباحثِ الشرعِ . يقول الزركشي ت (794)هـ :" والبحثُ عن معاني الحروفِ مما يحتاجُ إليهِ المفسِّرُ لاختلافِ مدلولِها ." وعنْوَنَ لها السِّيوطِيُّ ت (911)هـ فصلاً في الإتقانِ أسْماهُ (الأدواتِ التي يحتاجُ إليها المفسِّرُ) فقالَ : " وأعْنِى أنَّ معرفةَ ذلكَ من المهمَّاتِ المطلوبةِ لاختلافِ مواقعِها ولهذا يختلفُ الكلامُ والاستنباط ُبحسبِها ." فقد تمتعَتْ هذه الحروفُ عندَ المفسرينَ " بقيمةٍ تعبيريةٍ كبيرةٍ في الشرحِ والتبيينِ شكلتْ في أغلبِ الأحيانِ مِفتاحًا أساسيًّا لمعرفةِ معاني النصوصِ الشَّرعيَّةِ وأبعادِها وظلالِها وذلكَ لما تتميزُ بهِ من سماتِ الوصلِ والربطِ والتركيبِ ، ومن قدرةٍ تكثيفيةٍ فيما تحملُهُ من دلالاتٍ تُعَدُ فى الواقعِ مظهرًا من مظاهرِ الاقتصادِ اللُّغوىِّ." ونتيجةً لهذهِ القيمةِ التعبيريةِ كانَ من الطبيعيِّ أن يكونَ لهذهِ الأدواتِ مكانةً فى هذا الشأنِ وصِلةً واضحةً " في بيانِ المعاني وإطلاقِ الأحكامِ والدقةِ فى تحديدِها حتَّى غدَتْ معرفتُها ضرورةً مُلحَّةً لكلِّ مفسِّرٍ وفقيهٍ يُريدُ أنْ يُناقشَ أحكامَ الشَّارعِ ."