لعبت الرحلة في طلب العلم دورا هاما في الحضارة الإسلامية، وكان لها دورا مميزا في الحضارة الأندلسية الإسلامية خاصة، بسبب ما مثلته من أهمية كبرى في ربط بلاد الأندلس البعيدة ببلاد المشرق منبع الثقافة والرقي، لذلك كان على طالب العلم القيام بعدد من التجهيزات التي تساعده على تحمّل مشاق رحلته، وتُمكنه من الوصول للغاية المرجوة من اللقاء بعلماء المشرق الأجلاء، والنهل من علومهم المختلفة، ومن ثمَّ العودة لبلاده متوجا بالعلم والثقافة ليخدم بلاده ويساهم في بناء حضارتها، فاهتم الطالب المرتحل بأخذ الأذن بالرحلة من الجهات المختصة، وتحديد رفقته التي ستلازمه وتشد من أزره طوال طريقه، كما حرص على توفير مصدر للدخل ينفق منه على نفسه وطلبه للعلم طوال مدة إقامته في المدينة محل الطلب، فعمل في المهن المختلفة بما يتفق مع قدراته البدنية والعلمية وبما يسمح له وقته، لذلك مثّلت الرحلة جزءا هاما من حياة أي طالب علم على قدر ما لاقاه فيها من المشاق والصعاب، واعتز كثيرا بما تركته في شخصيته وعلمه من آثار هامة.