يتناول هذا البحث بعنوان «فهم السلف الصالح للمصالح المرسلة» دراسة تأصيلية تحليلية لمفهوم المصالح المرسلة من منظور السلف الصالح، مع بيان حدودها وضوابطها ومجالاتها في التشريع الإسلامي.
أن الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق مصالح العباد في الدنيا والآخرة، ودرء المفاسد عنهم، وأنها لم تُهمل مصلحة قط، بل كل تشريع فيها قائم على جلب المنفعة ودفع الضرر. ثم عرض تطور فهم السلف الصالح للمصالح المرسلة، منذ عهد الصحابة الذين عملوا بها عمليًا في جمع المصاحف وتدوين الدواوين وغيرها من المصالح العامة التي لم يرد بشأنها نص خاص.
بيّن البحث أن المصلحة المرسلة هي المصلحة التي لم يشهد الشرع باعتبارها ولا بإلغائها بدليل خاص، وأنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: ضرورية، حاجية، وتحسينية، وكلها ترجع إلى حفظ الضروريات الخمس (الدين، النفس، العقل، النسب، المال).
كما ناقش البحث الخلاف بين العلماء حول حجية المصلحة المرسلة، موضحًا أن الخلاف في جوهره لفظي وليس حقيقيًا، إذ إن جميع المذاهب تعمل بالمصالح التي تحقق مقاصد الشريعة دون مصادمة نص أو إجماع. وأكد الباحث على ضوابط الأخذ بالمصلحة المرسلة، ومنها: ألا تعارض نصًا شرعيًا أو إجماعًا، وأن تكون خادمة لمقاصد الشريعة، وألا تؤدي إلى مفسدة أرجح، وألا تدخل في مجال العبادات التي لا يُعقل معناها.
واختتم البحث ببيان ثمرات القاعدة الأصولية للمصالح المرسلة، منها وجوب التفريق بين المصلحة المرسلة والبدعة، والتنبيه إلى خطأ من أدخل المصالح المرسلة ضمن تقسيمات البدع، لأن مجالها هو الوسائل الدنيوية لا العبادات.
النتائج التي توصل إليها البحث: عمل الصحابة رضي الله عنهم بالمصالح المرسلة، اتفاق جميع المذاهب على المصلحة المرسلة مع اختلاف لفظي، ضرورة الحذر والتمحيص عند الأخذ بالمصالح المرسلة.